سعيد بن جبير أحد تلامذة الإمام علي بن الحسين عليه السلام, وقد عده الكشي في
رجاله والطوسي في رجاله من صحابة الإمام (عليه السلام)
وكان سعيد بن جبير: كثير العلم حتى قيل عنه
<< ليس على وجه الأرض من هو مستغن عن علم ابن جبير >> كما جاء في المناقب لابن شهر
آشوب ج 3 ص 311.
قصة جريمة قتل سعيد بن جبير :
لقد روت كتب السير - شيعة وسنة - هذه الجريمة البشعة ، وقد ذكرها صاحب تحفة
الأحوذي في أول شرحه على الترمذي في المقدمة.
أمر الحجاج حراسه بإحضار سعيد بن جبير .
وصل الجنود إلى بيت سعيد، فطرقوا بابه بقوة، فسمع سعيد ذلك الطرق المخيف، ففتح
الباب، فلما رأى وجوههم قال: حسبنا الله ونعم الوكيل ، ماذا تريدون ؟
قالوا : الحجاج يريدك الآن
قال: انتظروا قليلاً، فذهب، واغتسل، وتطيب، وتحنط، ولبس أكفانه وقال: اللهم يا ذا
الركن الذي لا يضام، والعزة التي لا ترام، اكفني شرّه
فأخذه الحرس، وفي الطريق كان يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، خسر المبطلون
لما أن وصل إلى مجلس الحجاج قال له الحجاج: أنت شقي بن كسير لا سعيد بن جبير.
فقال سعيد: إن أُمي أعلم حينما سمّتني سعيداً.
فقال الحجاج: فما ترى في أبي بكر وعمر في الجنة هما أم في النّار؟ (يريد أن يقول
سعيد شيئاً يقتله به).
فقال سعيد: إذا دخلت الجنة ورأيت أهلها فسوف أعلم من هم أهلها، وان وردت النّار
ورأيت أهلها فسوف اعرفهم.
فقال الحجاج: ما ترى في الخلفاء؟
قال سعيد: لستُ موكلا بهم.
الحجاج: فأيهم تحبه أكثر من غيره.
سعيد: من كان أرضاهم لله.
الحجاج: فأيهم أرضاهم لله.
سعيد: الله العالم بالخفايا والأسرار يعلم ذلك
الحجاج: لم لا تضحك؟
سعيد: كيف يضحك من خلق من تراب وقد تحرقه النّار.
الحجاج: فلماذا نضحك نحن؟
سعيد: قلوب النّاس ليست سواء.
فأمر الحجاج ليؤتى بالمجوهرات وتوضع إمام سعيد.
فقال سعيد: إن ادخرت هذه لتنجو بها من عذاب القيامة فلا بأس عليك وإلا فاعلم إنّها
تذهل كل مرضعة عما أرضعت، فلا خير في ادخار الثروة إلاّ ما كان زكيّا خالصاً.
فأمر الحجاج ليؤتى باللآت اللهو والطرب فبكى سعيد.
قال الحجاج: كيف تريد أن تقُتَل؟
قال سعيد: كما تحب، والله ما قتلتني قتلة إلا قتلكَ الله مثلها يوم القيامة.
قال الحجاج: أترغب أن أعفو عنك.
قال سعيد: إن كان هناك عفو فهو من عند الله ولن اطلب صفحاً منك أبداً.
فأمر الحجاج ليمد بساط القتل فقال سعيد، (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ للَّذي فَطَرَ
السَّمواتِ وَالأرْضَ حَنيفاً وَما أنا مِنَ الْمُشْرِكينَ).
فقال الحجاج: حوّلوا وجهه عن القبلة.
قال سعيد: فَأيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ.
فقال الحجاج: اجعلوا وجهه إلى الأرض.
قال سعيد: مِنْها خَلَقْناكُمُ وَفيها نُعِيدكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تارَةً
أخْرى.
فقال الحجاج: افصلوا رأسه.
قال سعيد: أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَاَنَّ
مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم دعا فقال: اللهم لا تسلّطهُ على أحد من بعدي.
ولم تمض سوى لحظات قليلة حتى كان دم سعيد بن جبير الطاهر يجري بأمر من الحجّاج.
وقتل سعيد بن جبير، واستجاب الله دعاءه، فثارت ثائرة بثرة في جسم الحجاج، فأخذ
يخور كما يخور الثور الهائج ، شهراً كاملاً، لا يذوق طعاماً ولا شراباً، ولا يهنأ
بنوم، وكان يقول: والله ما نمت ليلة إلا ورأيت كأني أسبح في أنهار من الدم، وأخذ
يقول : مالي وسعيد ، مالي وسعيد ، إلى أن مات ....!
و يقول هذا الظالم عن نفسه قبل أن يموت ( الحجاج ) : رأيت في المنام كأن القيامة
قامت، و كأن الله برز على عرشه
للحساب فقتلني بكل مسلم قتلته مره ، إلا سعيد بن جبير قتلني به على الصراط سبعين
مره ....!!